الشارقة، عاصمة العرب الثقافية!


يعود تأسيس إمارة الشارقة إلى ستة آلاف سنة، وفي ذلك الوقت كان عدد سكان الإمارة قليلاً، وكان الناس يعتمدون على التجارة وصناعة السفن البحرية بالإضافة إلى الزراعة والصيد والبحث عن اللؤلؤ. استوطن السكان الأوائل حول الفلج أو مجرى المياه التي يصنعها الإنسان.
وقد بدأت الاضطرابات وعدم الاستقرار في المنطقة في القرن السادس عشر؛ ففي عام 1507م احتل البرتغاليون الساحل الشرقي حتى يسيطروا على مسار تجارة التوابل. وقاموا ببناء الحصون في خور فكان وكلباء ودبا. واستمر حكم البرتغاليين لمدة قرن كامل إلى أن انتصر عليهم الهولنديون الذين تمكنوا من استعمار المنطقة لنفس الأسباب التي جعلت البرتغاليين يحتلون الساحل الشرقي.


وفي القرن السابع عشر وصل البريطانيون وبدءوا التجارة مع قبيلة القواسم أسلاف الأسرة الحاكمة اليوم في الشارقة، وفضل الأوروبيون غزو منطقة الخليج والبحر الأحمر باعتبارهما منطقة ربط طريق رئيسية بين الشرق والأوسط والهند

وفي القرن الثامن عشر أصبحت قبيلة القواسم الحاكمة قوة بحرية جبارة في جنوب الخليج وتمركزت قوتهم في رأس الخيمة والشارقة. وفي عام 1803م أصبح الشيخ سلطان بن صقر القاسمي والد حكام اليوم شيخاً على الشارقة وحكمها ما يزيد عن خمسين عاماً. 

وبانتهاء القرن الثامن عشر تدهورت العلاقة بين القواسم والبريطانيين، حيث كان البريطانيون يتهمون القواسم بالهجوم على سفنهم في حين أن القواسم كانوا يتهمون البريطانيين بسوء السلوك.

وفي عام 1809م أوقف البريطانيون هجماتهم البرية على قبيلة القواسم في رأس الخيمة. وبحلول عام 1820م تم توقيع أول اتفاقية من ضمن عدة اتفاقيات للسلام تضمن السلام والأمن في البحر وحماية البريطانيين ضد الهجمات لمدة 150 سنة. وأصبح الساحل معروفاً بساحل عمان المتصالح، كما عُرفت المشايخ في عمان بالدول المتصالحة، وبقيت هذه الأسماء من عام 1853م وحتى قيام دولة الإمارات العربية المتحدة في عام 1971م.

انضمت الشارقة إلى دولة الإمارات العربية المتحدة كعضو مؤسس للاتحاد في الثاني من ديسمبر 1971م. وفي عام 1972 أصبح صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي حاكماً للشارقة.

وفي نفس العام بدأ ضخ النفط في حقل مبارك على بعد 80كم في البحر قرب جزيرة أبو موسى. وبدأ الإنتاج بعد سنتين بأعلى معدل له.

إن توفر الثروات الطبيعية في الإمارة وحكمة حاكمها صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي قادت الشارقة لأن تعيش في رخاء اقتصادي ونعيم مع احتفاظها بالقيم التقليدية للمدينة الإسلامية.


 وللتراث نصيب كبير من اهتمام سمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي ، وعلى الرغم من مظاهر التقدم والرقي الحضاري التي تمتاز بها إمارة الشارقة ، فإن الحفاظ على التراث والتمسك بالجذور هو العامل المميز لدى سمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي ، ورغم سعيه الدائم إلى مواكبة كل ما هو جديد ومتميز فإن سمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي يؤمن بان التمسك بالجذور والحفاظ على الموروث هو الأساس المتين التي تبني عليه الحضارة الصحيحة.












ويتبين ذلك الاهتمام من خلال تلك الأبنية التراثية الموجودة في الشارقة القديمة والتي حرص سمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي على تجديدها وإحيائها والاهتمام بجميع ما كانت تحويه من مقتنيات إضافة إلى إعادتها إلى صورتها التي كانتعليها .

 لقد حرص سمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي على إحياء المناطق القديمة في الشارقة مثل منطقة الشارقة القديمة الذي بدا العمل فيه في منصف عام 1990م ، وتم افتتاحه على مراحل متعددة ، ومن أهم ما نتج عنه اكتشاف وبناء سور الشارقة القديمة ، وكذلك ترميم عدد كبير من البيوت تمثل في مجموعها نمط من أنماط العمارة التقليدية التي تتميز ببساطة البناء وملاءمته للبيئة والمناخ ، وقد تم تحويل بعض من بيوت منطقة الشارقةالقديمة إلى مراكز للتراث خصصت لعرض مخا\تلف الجوانب التراثية .
 لقد كانت نظرة سمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي ثاقبة في إصداره لتوجيهات بشأن صيانة الأسواق الشعبية في الشارقة التي احتلت مكانة بارزة في التجارة والتاريخ والأدب العربي القديم ومنها :
        سوق العرصة 
         سوق المسقوف 
         سوق الشويهين 
         سوق صقر 
         سوق الصاغة 
     ولقد أصدر سمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي توجيهاته لادارة التراث نحو ترميم وتجديد المساجد التراثية التي كانت تعقد فيها التجمعات الدينية والتشريع والندوات ، وقد اشتهرت في الشارقة العديد من المساجد القديمة والتي أعيد صيانتها :
          مسجد الدليل 
          مسجد الخان 
          مسجد الحيرة 
          مسجد المنانعة 
          مسجد اللية 
          مسجد البدو 
          مسجد الجامع 
إدارة التراث



     في عام 1995م ، أمر سمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي بإنشاء إدارة التراث كأحدى مؤسسات دائرة الثقافة والأعلام ، على اعتبار ان حماية وصيانة التراث من أهم البنى الأساسية لنهضة وتقدم الشعوب ، ومنذ ذلك الوقت دأبت الإدارة على تطوير العمل بها سواء أكان ذلك من خلال ترميم المباني التراثية أو تأسيس المتاحف أو تنظيم الفعاليات ، وإصدار الأبحاث والدراسات التي تتناول وتهتم بعناصر التراث الشعبي الإماراتي .
     إن إنشاء إدارة التراث جاء أيمانا من قناعة سمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي بالمحافظة وصيانة التراث الإماراتي ، وإظهاره للناس وربطهم به لما له من دور هام في بناء المواطن الصالح المعتز بهويته والمرتبط بجذورة العربية الأصيلة .
     وتسعى إدارة التراث إلى إظهار المعالم التراثية والحضارية الإماراتية بطرق كثيرة منها ترميم وصيانة المباني التاريخية ، جمع المأثورات الشعبية الشفهية ، رعاية متاحف التراث بتجهيزها ورفدها بكل ما تحتاج إليه من مقتنيات ، توفير أوعية معلوماتية للباحثين ، تنظيم الفعاليات المختلفة بهدف إثراء الساحة الإماراتية بالمعلومات اللازمة في مجال التراث الشعبية .

منطقة التراث
     ومن أهم المناطق التي يتبين فيها ذلك الاهتمام " منطقة التراث " في قلب الشارقة القديمة التي تحوي على عددا من أهم الأمكنة التراثية التي حظيت بترميم وعناية شديدة من سمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي ، وفي تلك المنطقة هناك " سوق العرصة " التي يعد من أقدم الأسواق الشعبية في الإمارات .
     ويطالعك في تلك المنطقة الجميلة " حصن الشارقة " الذي بنى سنة 1820م ، فكان فريدا في طرازه بهندسة معمارية تتجلى فيها العمارة العربية ، وكان ذلك الحصن ملتقى أهل الشارقة يفدون إليه في أفراحهم وأتراحهم ، كما اعتبروه رمز عزتهم ومأمن خوفهم .
المتاحف
     ويبرز معلم آخر من معالم التراث في الشارقة في تلك المتاحف التي تزخر بها الإمارة ، فالمتاحف المتنوعة تدل على مدى الاهتمام الذي يوليه سمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي لتلك المعالم السياحية والتعليمية والتربوية والحضارية ، والتي تستهوي سنويا عشرات الآلاف من الطلبة والعائلات والسياح المهتمين .
     ويمتاز كل متحف عن الآخر بتصميمه الفريد ، ويعكس طابعا متميزا من التراث والتاريخ ، ويعرض بأسلوب مميز العديد من الروائع التاريخية والثقافية والتراثية مما يوفر تجربة تعليمية وترفيهية ممتعة ، وهذا الطيف من المتاحف يشمل التراث والتاريخ والخط والفنون والمقتنيات الإسلامية والعملات والطيران والطوابع .